محامي في الأردن / الضمانات المقررة للاستجواب
- الشواهين للمحاماة والتحكيم

- 4 ديسمبر 2024
- 2 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 9 ديسمبر 2024
من خلال استعراض واقع التطبيق العملي في المحاكم، يتبين أن العديد من الدفوع الجوهرية تُثار خلال المحاكمات، مما يؤدي أحيانًا إلى إفلات المجرم من العقاب. ومن اللافت أن هذه الدفوع يمكن أن تُطرح حتى في مراحل الطعن الأخيرة، وتحديدًا أمام محكمة التمييز. ومن أبرز هذه الدفوع، الدفع ببطلان الاستجواب نتيجة عيب جوهري شاب إجراءاته.
محامي في الأردن
لذلك، كان من الضروري تسليط الضوء على هذا الإجراء المهم ضمن التحقيق الابتدائي. فالاستجواب يعد من أهم الإجراءات التي يجب أن يضطلع بها عضو النيابة العامة، حيث يتم فيه مواجهة المتهم بتفاصيل التهمة المنسوبة إليه، وهو ما يميزه عن مجرد السؤال الذي يختص به رجال الضابطة العدلية.
لا شك أن ضمانات المتهم في مواجهة التهمة المسندة إليه تعد من الركائز الأساسية في النظام القانوني والقضائي، بهدف تأمين حقه الكامل في الدفاع عن نفسه. ونظرًا لأهمية وخطورة الاستجواب، فقد نص القانون على ضمانات خاصة بهذا الإجراء، سواء فيما يتعلق بالجهة المختصة به أو بحقوق المتهم وحرياته. فالاستجواب يتم عادةً أمام النيابة العامة أو قضاة التحقيق في بعض الأنظمة، ويعد من أكثر المراحل تأثيرًا على مسار المحاكمة والنتيجة النهائية سواء بالإدانة أو البراءة.
في التشريع الأردني، حدد قانون أصول المحاكمات الجزائية صلاحية إجراء الاستجواب بالمدعي العام فقط، ومنع تفويض هذه المهمة لأي جهة أخرى، بما في ذلك رجال الضابطة العدلية. حيث تقتصر صلاحيات الضابطة العدلية على تسجيل المعلومات الأولية مثل اسم المتهم وعنوانه وسنه ومهنته، وإبلاغه بالتهمة المسندة إليه، مع توثيق أقواله دون مناقشتها أو مواجهته بالشهود أو متهمين آخرين.
محامي في الأردن
ونظرًا لأهمية الاستجواب وخطورته، فإن مخالفة أي من ضماناته يؤدي إلى البطلان القانوني المنصوص عليه في المادة (63) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني. كما أن ترك مهمة التحقيق بيد النيابة العامة، التي تمثل جهة الاتهام، قد يؤدي إلى إغفال تحقيق دفاع المتهم لصالح التركيز على جمع أدلة الاتهام، وهو ما يتعارض مع مبدأ الحياد المفترض في النيابة العامة كخصم شريف.
إن الإخفاق في التوسع بالتحقيق الابتدائي قد يؤدي إلى إحالة القضايا إلى المحاكم دون توفر أدلة كافية للإدانة. لذا، يجب أن تسعى النيابة العامة إلى تحقيق التوازن بين مصلحة المتهم والمصلحة العامة، من خلال التوسع في التحقيق بما يحقق العدالة الناجزة، دون إهدار وقت المحاكم أو التسبب في أضرار مادية ومعنوية للمتهم، وفي الوقت ذاته دون السماح بإفلات المجرمين من العقاب.
لقد أثبتت الممارسة العملية أن الاستجواب يتسم بأهمية بالغة، ما يستلزم توفير أعلى مستوى من الضمانات لضمان حياده. ومن أهم هذه الضمانات حيادية المحقق، بحيث يُجرى الاستجواب بواسطة قاضٍ مستقل خاضع للقانون، يحترم حقوق الإنسان وقرينة البراءة، ويتجنب استخدام وسائل غير مشروعة للتأثير على إرادة المتهم.
في هذا السياق، نجد أن موقف المشرّع الأردني الذي ألغى مبدأ الفصل بين وظيفتي الادعاء والتحقيق الابتدائي في قانون أصول المحاكمات الجزائية لعام 1961، بعد أن كان مقررًا في قانون عام 1951، يصعب الدفاع عنه. فالجمع بين هاتين الوظيفتين يمنح النيابة العامة دور الخصم والحكم في آن واحد، مما يتنافى مع مفهوم العدالة والحياد. وبالتالي، وجود قاضٍ للتحقيق يضمن تحقيق العدالة من خلال الفصل بين الوظيفتين المتناقضتين.
محامي في الأردن
ومع ذلك، ورغم التحفظات على هذا النظام، فإن المشرّع وضع ثقته في المدعي العام باعتباره رئيس الضابطة العدلية وقاضي التحقيق، ومنحه صلاحية حصرية لاستجواب المتهم. كما حظر على موظفي الضابطة العدلية القيام بالاستجواب، وهو ما يمثل محاولة لتعزيز الضمانات المرتبطة بهذا الإجراء الحاسم.
اطلع على الخدمات التي يقدمها مكتب الشواهين للمحاماة والتحكيم الآن




تعليقات